"دورا"
«دورا» عليكِ تحيّةٌ وسلامُ
من مُدنَفٍ زلفتْ به الأيامُ
دورا إذا ذَكر الرّجالُ بلادهم
زاد الحنينُ إليك والإلهام
دورا وأنت شفاء كلِّ مشرّدٍ
نُوَبٌ أصابت نحرَه وسهام
كلِفَ الفؤادُ بها فما من لحظةٍ
إلا تؤّرقني فكيف أنام
كانت ذُراها للشباب ملاعبًا
وتضمَّختْ من عطرها الأنسام
دورا أيا جبلَ الخليلِ وحصنَه
كم صالَ فيك الثائرُ المقدام
لك في صدى التاريخ أروعُ قصّةٍ
«شمشونُ» صانعها هو الصَّمصام
أهلوك أهل ديانةٍ ونباهةٍ
صلّوا لربِّ العالمين وصاموا
أهلوك أهل محبّةٍ وكرامةٍ
وسخاؤهم نبضتْ به الأقلام
أنت الحبيبةُ والعزيزةُ والمنى
إنْ ذبتُ شوقًا فيك لستُ أُلام
لن ترضى دورا أن أظلَّ مشرَّدًا
كلا ولو وافى العبادَ حِمام
يا أيها الطيرُ الميمِّم نحوها
سل «عين العرق» هل لديك مُقام
سلْ جبل ابو العشوش عن أزهارها
طربًا يبادلها الهديلُ حَمام
إني أحنُّ إلى عمائرها التي
كانت تجوب شعابَها الأغنام
دورا الأبيّةُ لن تلينَ لغاصبٍ
مهما تكاثرَ حولها الظُّلاّم
يا لَلزمان فكم له من طفرةٍ
تحتار في نَزَواتها الأفهام
زمنٌ به تُخفى الحقيقةُ مثلما
بالأمس كانت تُعبَدُ الأصنام
زمنٌ به أضحى الحليمُ مسفّهًا
وأخو الجهالةِ سيّدٌ وإمام
نزح «ال فسفوس» الأباة عن الحِمى
وتوسّدوا صلد الصّخور وناموا
قالوا سنرجع للدّيار ونصرُنا
آتٍ ولكنْ طالتِ الأعوام
وا حسرتاه على فلسطينَ التي
أمست بأيدي المجرمين تُسام
أيحقُّ للمغتال نهبُ مدائني
وتُظِلّني في الحارقات خيام؟
كم من عهودٍ عذبةٍ أمضيتُها
بين السّهول تحوطها الآجام
أيامَ كانت للحياة حلاوةٌ
ذهبت وحلّت بعدها الأسقام
رُحماكِ دورا واغفري لي زَلّتي
من كنتِ بلدتَه فليس ينام